من الصعب جدًا استقصاء الأخبار عن الوضع الصحي لبعض المسؤولين السياسيين في المغرب، وهو أمر يبدو غريبًا بالنظر إلى أهمية الشفافية في الحياة السياسية. قد نفهم التكتم الذي كان يطبع الأخبار المتعلقة بالوضع الصحي للملك، لاعتبارات تاريخية متوارثة وللهالة التي كانت تحيط بالحياة الخاصة للملك ومحيطه العائلي، وخاصة الأمور الصحية. لكن هذا التقليد انتقل ليشمل النخبة السياسية بشكل عام، حيث يصعب الحديث أو البحث في موضوع الوضع الصحي لمسؤولين سياسيين يشغلون مناصب حساسة في الدولة أو الأحزاب.
التكتم والصراعات السياسية
حتى المعلومات التي تتسرب عن الوضع الصحي للمسؤولين غالبًا ما تكون جزءًا من مناوشات وصراعات خفية داخل الحقل السياسي. فعلى سبيل المثال، تم تسريب خبر العملية الجراحية التي أجراها عبد الإله بنكيران على البروستات في فرنسا، كما تم تداول معلومات عن استخدام عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال وآخر وزير أول في المغرب، للحفاظات الطبية في الاجتماعات الرسمية بسبب مضاعفات مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
مرض السكري كحالة سياسية وصحية
يمثل مرض السكري تحديدًا إشكالية خاصة في هذا السياق، لما له من تأثيرات على المزاج العام والقدرة على اتخاذ القرارات، فضلًا عن التداعيات النفسية والعاطفية المرتبطة به. تشير الدراسات الطبية إلى أن تقلبات مستوى السكر في الدم يمكن أن تسبب تقلبات مزاجية سريعة وغير متوقعة، من بينها التهيج والارتباك وصعوبة اتخاذ القرار. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "Medical News Today" بتاريخ 26 يوليو 2021، فإن الإجهاد الناتج عن مرض السكري قد يؤدي إلى مضاعفات نفسية خطيرة.
أعراض تغيرات المزاج المرتبطة بمرض السكري:
نقص السكر في الدم:
يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الجلوكوز إلى أقل من 70 ملغ/ديسيلتر إلى الجوع الشديد، الارتباك، صعوبة التنسيق، واتخاذ القرارات، والتهيج.ارتفاع السكر في الدم:
عندما ترتفع مستويات الجلوكوز إلى أكثر من 130 ملغ/ديسيلتر أثناء الصيام أو 180 ملغ/ديسيلتر بعد الطعام، يمكن أن تحدث أعراض مثل الارتباك وزيادة التوتر العاطفي.
السياسة والصحة: هل نحن بحاجة إلى نقاش أعمق؟
في الديمقراطيات العريقة، يتم أخذ الوضع الصحي للمسؤولين بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات السياسية. لكن في السياق المغربي، لا توجد تقارير رسمية أو شفافية حول الوضع الصحي للمسؤولين، ما يفتح الباب أمام التساؤلات حول مدى تأثير هذه الأمراض على أدائهم وقدرتهم على اتخاذ القرارات.
الشفافية وأخلاقيات العمل السياسي
في الدول التي يرتبط فيها القرار السياسي بإرادة الدولة الحقيقية، قد يكون تأثير الوضع الصحي للمسؤولين أقل أهمية، لكن في الوقت ذاته، يُعتبر غياب الشفافية عن صحة هؤلاء المسؤولين إشكالية تُضعف الثقة العامة وتفتح المجال للشائعات والصراعات الداخلية.
خاتمة
يبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن بحاجة إلى نقاش أوسع حول صحة المسؤولين السياسيين وتأثيرها على العمل العام؟ وما السبيل لضمان الشفافية دون المساس بخصوصيات الأفراد؟ في الوقت الذي يمثل فيه مرض السكري حالة طبية تستدعي الاهتمام والمتابعة، فإنه يثير قضايا أعمق حول أخلاقيات العمل السياسي وحق المجتمع في معرفة مدى كفاءة من يتولون إدارة شؤونه.